من اجل أن تتصالح مدينة منزل بورقيبة و تينجة مع محيطها وتاريخها

lundi 27 juin 2011

الفترة الأسلامية


 الفترة الإسلامية

شهدت هذه الفترة تطورا كبيرا في العمران والعلوم والفكر.

الفتح الإسلامي

استقر الإسلام في المنطقة بعد عديد فتوحات متتالية عرفت مقاومة كبيرة من البربر بينما لم تُعَرّب شعوب المنطقة إلا بعد ذلك بقرون طويلة.
كانت أولى الفتوحات سنة 647م وعرفت بفتح العبادلة  وانتهت بمقتل الحاكم البيزنطي.
وقعت الحملة الثانية سنة 661م وانتهت بالسيطرة على مدينة بنزرت. أما الحملة الثالثة والحاسمة فكانت بقيادة عقبة بن نافع سنة 670م وتم فيها تأسيس مدينة القيروان والتي أصبحت فيما بعد القاعدة الأمامية للحملات اللاحقة في إفريقية والأندلس وصقلية وجنوب إيطاليا. حملة رابعة ونهائية بقيادة حسان بن النعمان سنة 693م أكدت سيطرة المسلمين على إفريقية رغم مقاومة شرسة من البربر بقيادة الكاهنة.إن المسلمين سيطروا بصفة نهائية على المدينة قرطاج في 698م وقتلت الكاهنة في السنة نفسها.
 لم يكتفي الفاتحون الجدد بالسيطرة على السواحل بل أتجهوا برا ونشروا عقيدتهم في صفوف البربر الذين أصبحوا من ذلك الحين رأس الحربة في الفتوحات اللاحقة وخاصة في الأندلس بقيادة طارق بن زياد.
 إلا أن بعد إفريقية عن المشرق مهد الديانة ومركز الحكم أدى إلى انتشار الفرق الإسلامية التي لا تنتمي إلى أهل السنة وخاصة الفكر الخارجي.

الدولة الأغلبية

بقيت القيروان عاصمة لولاية أفريقية التابعة للدولة الأموية حتى 750م ثم الدولة العباسية ولم تشهد المنطقة حكما مستقلا إلا بقيادة إبراهيم ابن الأغلب مؤسس الدولة الأغلبية بقرار من هارون الرشيد سنة 800م والذي كان يريد بذلك وضع سد أمام الدويلات المنتشرة في غرب أفريقية أين انتشر الفكر الخارجي.
دام حكم الأغالبة 100 سنة وازدهرت خلاله الحياة الثقافية وأصبحت القيروان مركز إشعاع

الدولة الفاطمية

لم يتغير وضع الشيعة كثير بعد وصول أبناء أعمامهم العباسيون إلى الحكم مما زاد شعورهم بالإحباط والكبت. وفي عهدالخليفة المنصور ظهرت عدة فرق في صفوف الشيعة لعل أهمها وأكثرها تنظيما سواء من ناحية العقدية أو سياسة أتباع إسماعيل بن جعفر الصادق.
استطاع عبد الله الشيعي في غضون 7 سنوات الاستيلاء على أغلب مناطق شمال إفريقيا وذلك بمساعدة بعض القبائل البربرية التي استجابت إلى دعوته واعتنقت المذهب الإسماعيلي. وبعد انتصارهم على الجيش الأغلبي دخل عبيد الله رقادة يوم الخميس 20 ربيع الثاني سنة 296 هـ/6 جانفي 909 م والتي كان زيادة الله الثالث قد تخلى عنها. دام حكم الفاطميين في تونس 64 عاما عرفت فيها البلاد ازدهارا كبيرا. عام 969 تمكن الفاطميون من فتح مصر لينقلوا إليها عاصمتهم عام 973.

الدولة الصنهاجية

لما انتقل الفاطميون إلى مصر ولوا على إفريقية أميرا من أصل أمازيغي يدعى بلكين بن زيري بن مناذ الصنهاجي. استطاع بلكين القضاء على الفتن والثورات القبائلية المجاورة على حدود البلاد مما مكنه من تعزيز حكمه والاحتفاظ بالأراضي الشاسعة التي ورثها عن الفاطميين. في بداية القرن الحادي العشر خرج والي أشير حماد بن بلكين عن سلطة الصنهاجيين مما أدخل الطرفين في حرب طاحنة دامت عدة سنوات. فقد الصنهاجيون شيئا فشيئا جزءا كبيرا من المغرب الأوسط (الجزائر) لتقتصر في النهاية رقعة دولتهم أساسا على تونس وصقلية.
شهدت البلاد في عهد الصنهاجيين نهضة عمرانية وثقافية واقتصادية كبيرة، فازدهرت الزراعة في أنحاء البلاد بفضل انتشار وسائل الري، ووقع تشييد العديد من القصور والمكتبات والأسوار والحصون، فيما أصبحت عاصمتهم القيروان مركزا هاما للعلم والأدب.
عام 1045 أعلن الملك الصنهاجي المعز بن باديس خروجه عن الخلافة الفاطمية في القاهرة وانحيازه إلى الخلافة العباسية في بغداد. قامت قيامة الخليفة الفاطمي المستنصر بالله الذي أذن، بإيعاز من وزيره أبو محمد الحسن اليازوري، للقبائل البدوية المتمركزة في الصعيد بالزحف نحو تونس. أدى زحف القبائل البدوية (أساسا بنو هلال وبنو سليم) إلى تمزيق أوصال الدولة الصنهاجية وإلى خراب عاصمتهم بعد تعرضها للسلب والنهب.
بعد الغزو الهلالي أصبحت البلاد مقسمة بين عدة دويلات أهمها إمارة بنو خرسان في مدينة تونس والوطن القبلي، ومملكة بنو الورد وعاصمتها بنزرت، ومملكة بنو الرندوعاصمتها قفصة فيما حافظ الصنهاجيون على منطقة الساحل وإتخذوا من المهدية عاصمة لهم.
.   ويفيدنا ابن حوقل أن بنزرت كانت في نهاية القرن العاشر ميلادي عاصمة لأقليم بحري  يدعى"سطفـورة"وأنـها تألقت في ظل اسرة بني الورد حين أعاد إليها الورد اللـخـمي أمـجادهـا الموروثة. ويقول الرحالة البكري أنـها كـانت محـاطة بسور عظيم له باب ومسجد ودكاكـين وأن لها تـجارة مـزدهرة ورباطا يقيها غزوات الفرنجة  وميناء يدعى مرسـى القــبة. واثبـت الإدريـسي، أن بنزرت لـعـبت دورا حـاسما في دحر النورمنديين. المارخ الادريسي  هو أبو الحسن محمد بن إدريس الحموي، المعروف بالشريف الإدريسي،. وهو من أكابر علماء الجغرافيا والرحالة العرب. ولد في سبته 493 هـ 1100 ميلادية ، وتوفي فيها، على الأرجح، سنة  عام . وقد تحدث الادريسي عن تيميدا وهي منذ القدم مدينة ساحلية تعتمد على الصيد والفلاحة فهي غنية بالسمك الممتاز والوفير ففى كل شهر هناك نوع مختلف و خاصية المنطقة جغرافيا بان بحيرة اشكل لها ماء حلو ويصب فى البحر 6 اشهر وبحيرة بنزرت مائها مالح ويصب فى بحيرة اشكل بقية العام.

وقد اصبحت تيميدا تسمى هنشير تينجة فيما بعد.

الفترة الموحدية

عام 1060 إنتهز النورمان انهيار الدولة الصنهاجية ليستولوا على صقلية لتصبح البلاد عرضة لغاراتهم. في عام 1135 تمكن روجيه الثاني من احتلال جزيرة جربة تبعها عام1148 احتلال المهدية، سوسة، وصفاقس. إستنجد الملك الحسن بن علي الصنهاجي بعبد المؤمن بن علي مؤسس الدولة الموحدية في المغرب لطرد الغزاة. استطاع الموحدون في السنوات التالية استرجاع كامل الأراضي التونسية من النورمان ليصبحوا مسيطرين على معظم أجزاء المغرب الكبير وجزء من الأندلس.

الدولة الحفصية

عام 1207 ولى الموحدون على إفريقية أحد أتباعهم وهو أبو محمد بن عبد الواحد بن أبي حفص ابن الشيخ عبد الواحد بن أبي حفص الذي رافق محمد بن تومرت أثناء دعوته. عام1228 تمكن أبو زكريا يحيى بن حفص من الانفراد بالمنصب لصالحه وأعلن منذ ديسمبر 1229 استقلاله عن الموحدين. إتخذ أبو زكريا مدينة تونس عاصمة له وإتخذ لنفسه لقب السلطان. عام 1249 خلف أبو أبو زكريا إبنه عبد الله محمد المستنصر الذي أعلن نفسه خليفة للمسلمين عام1255. تعرضت البلاد عام 1270 إلى غزوة صليبية قادها لويس التاسع ضمن الحملة الصليبية الثامنة. شهدت الدولة بعد وفاة المستنصر عام 1277 عدة صراعات خلافة تخللتها عدة ثورات لقبائل جنوب البلاد، ولم تسترجع الدولة وحدتها إلا في عهد أبو يحي أبو بكر. إسترجعت الدولة سالف مجدها في عهد أبو العباس أحمد وأبو فارس عبد العزيز الذان شهدت البلاد في عهدتها ازدهار التجارة والملاحة
. دخلت الدولة في أواخر القرن الخامس عشر حالة من الركود تخللتها حروب خلافة وأصبحت منذ 1510 عرضة لغارات الإسبان.

الحقبة الإسبانية

دخلت الدولة الحفصية سنة 1535 في صراع خلافة بين السلطان أبو عبد الله محمد الحسن وأخيه الأصغر رشيد. طلب الأخير العون من العثمانيين الذين تمكنوا من الاستيلاء على العاصمة بقيادة خير الدين بارباروسا دون إرجاع رشيد على العرش. إستنجد أبو عبد الله محمد الحسن بشارل الخامس، ملك إسبانيا الذي جهز جيشا قوامه 33،000 رجل و400 سفينة بالتحافل مع الدول البابوية، جمهورية جنوة ونظام فرسان مالطا. تمكن الإسبان من القيام بإنزال شمالي العاصمة في 16 يونيو، ثم بالاستيلاء على ميناء حلق الوادي، ثم تمكنوا من دخول العاصمة في 21 يوليو. أعيد تنصيب السلطان حسن على العرش لكنه أجبر على المصادقة على معاهدة تضع البلاد عمليا تحت الحماية الإسبانية. استمر في السنوات التالية الصراع بين الإسبان وحلفاءهم والعثمانيين. تمكن العثمانيون في النهاية سنة 1574، من طرد الإسبان نهائيا بعد الانتصار عليهم في معركة تونس.

الحكم العثماني

تحولت تونس إلى إيالة عثمانية سمي على رأسها باشا يمثل السلطان يساعده مجلس ديوان متكون من كبار ضباط الجيش الانكشاري فيما آلت الأمور القضائية والدينية إلى قاضي حنفي. ولإن تمكن العثمانيون من السيطرة على المدن الكبرى بقيت عدة مناطق داخلية خارجة عن سلطتهم. وفي 1581 قام أحد الأمراء الحفصيين أحمد بن محمد بمحاولة لاستعادة الحكم انطلاقا من إيطاليا فقام بإنزال بحري ناجح في خليج قابس وتمكن في بادئ الأمر من الانتصار على القوات العثمانية إلا أن محاولاته لاقتحام العاصمة باءت بالفشل. وقد أدى التمرد داخل البلاد والخطر الإسباني خارجها إلى طغيان الجانب العسكري على الحكم. وفي 18 أكتوبر 1590 قام صغار الضباط الانكشاري بحركة تمرد تمكنوا على إثرها من فرض تغيير على تركيبة الحكم في الإيالة إذ أصبح الحكم الفعلي في يد مجلس الديوان الذي انتخب على رأسه داي، في حين أصبح حكم الباشا رمزيا. لم يدم الحكم الجماعي للديوان طويلا إذ سرعان ما انفرد الداي بالسلطة وقد توالى عدة دايات على المنصب من أبرزهم عثمان ويوسف داي. شهدت البلاد في أواخر القرن السادس عشر وبداية القرن السابع عشر ازدهارا واسعا بفضل مداخيل الجهاد البحري وحلول الأندلسيين المطرودين من إسبانيا الذين أدخلوا حيوية لقطاع الفلاحة ولصناعات النسيج. عام 1609 أحدث منصب الباي لتولي جمع الضرائب وإخضاع القبائل المتمردة على رأس مؤسسة عسكرية سميت بالمحلة. عام 1613 سمي مملوك ذو أصل كورسيكي يدعى جاك سانتي في منصب الباي وقد استطاع من كسب ثقة الباب العالي بعد إخماده لعدة حركات تمرد قبلية فرفع إلى رتبة باشا عام 1631 وقبل وفاته قام بتوريث المنصب لابنه محمد الذي استطاع تدريجيا تهميش دور الدايات وتوريث الحكم بدوره لصالح ذريته لتصبح البلاد عمليا مستقلة من الحكم العثماني.

المراديون

استمر تولي حمودة باشا منصب الباي 35 عاما استطاع فيها تدعيم سلطته على حساب الدايات. فعلى عكس الدايات التي كانت سلطتهم محدودة في العاصمة استطاع الباي فرض نفوذه في باقي البلاد بفضل عائدات الجباية وانفتاحه على أعيان التجمعات الداخلية وتحالفه مع القبائل. شهدت البلاد في فترة تولي حمودة باشا منصب الباي، نهضة عمرانية بإنشاء عدة أسواق وبنايات كجامع حمودة باشا ودار حمودة باشا ودار الباي. بعد وفاته عام 1666 خلفه ابنه مراد باي الثاني الذي استطاع التغلب على الداي حاج علي لوز الذي حاول إزاحته من منصب الباي. بعد وفاته دخل أولاده الثلاثة في سلسلة صراعات على الحكم أضعفت البلاد. وآل الحكم على التوالي ابتداءا من 1675 إلى 1698، إلى علي الأول (1675 - 1688)، محمد الثاني (1688 - 1695)، ثم رمضان باي المرادي (1695 - 1698). عام 1698 تمكن مراد الثالث من الإطاحة بعمه رمضان إلا أن حكمه لم يستمر طويلا إذ اغتاله آغا الصبائحية إبراهيم الشريف بأمر من العثمانيين ولينتهي بذلك حكم البايات المراديين. كافأ الباب العالي الشريف بتعيينه بايا ودايا في نفس الوقت وبقي محافظا على الحكم إلى أسره من طرف داي الجزائر ليحصل فراغ في السلطة استغله مساعده حسين بن علي ليتولي منصب الباي ليكون بذلك أول البايات الحسينيين.

الدولة الحسينية

يعود أصول حسين بن علي من جهة والده إلى جزيرة كريت التي كانت تابعة للإمبراطورية العثمانية، في حين تنتمي أمه إلى قبيلة شنوف العربية. تولى الحكم في 15 جويلية 1705 وقد اعتمد أولا على العنصر التركي قبل يأخذ شيئا فشيئ ثقة جزء من أعيان البلاد. عرفت البلاد أولا استقرارا بعد اضطرابات أواخر العهد العهد المرادي إلا أنها دخلت في حرب أهلية بعد تمرد ابن أخ الباي علي باشا الذي استعان بداي الجزائر واستطاع التغلب على حسين بن علي الذي اعدم. وأصبحت آلية انتقال السلطة لصالح كبير العائلية الحسينية مهما كانت قرابته بالباي وقد بقي التقليد فاعلا إلى نهاية الحكم الحسيني عام 1957.عرفت الإيالة التونسية، التي ظلت تتمتع باسقلالية كبيرة عن الباب العالي، فترات عصيبة في عهدي عثمان بن علي ومحمود باي بسبب انحسار الجهاد البحري وانتشار الأوبئة وتتالي حركات التمرد للانكشارية. تواصل ركود البلاد طوال عهدي حسين باي بن محمد (1834-1835) ومصطفى باي بن محمد (1835-1837). وقد حاول أحمد باي في فترة حكمة (1837-1855) تطوير الجيش إلا أن قلة الموارد المالية أدت إلى تدهور ميزانية الدولة. وفي 1859 قام محمد بايب إصدار عهد الأمان كأول وثيقة أساسية تضمن حقوق المواطنة وفي عهد الصادق باي أصدر عام 1861 أول دستورللبلاد لكن أوقف العمل به بعد ثورة 1864 الشعبية التي اندلعت بعد مضاعفة الضرائب. ازدادت الأزمة المالية حدة في السنوات التالية لتصبح البلاد خاضعة لكومسيون مالي فرضته عليها الدول الأوروبية بعد استحالة الحكومة تسديد ديونها الخارجية. ومما زاد الطين بلة في تلك الفترة الفساد الحكومي وتوالي الفضائح المالية ورغم محاولات الوزير الأكبر خير الدين باشا الإسراع بالإصلاحات إلا أن الأزمة ظلت مستفحلة مما ولد أطماع فرنسا وإيطاليا اللتان أصبحتا تتنافسان علنا على البلاد. وفي 1881 استغل الفرنسيون مناوشات على الحدود مع الجزائر التي يحتلونها منذ 1830 لغزو الإيالة، ورغم مقاومة عدة مناطق للقوات الفرنسية إلا أن الصادق الباي أجبر على إمضاء معاهدة باردو التي أصبحت على إثرها البلاد محمية فرنسية.

الحماية الفرنسية في تونس

أبقى الفرنسيون على نظام البايات إلا أن السلطة الفعلية كانت في يد مقيم عام فرنسي يساعده مراقبون مدنيون. أصبحت الشؤون الخارجية والدفاع وأغلب المسائل المالية من مشمولات فرنسا. وفي جوان 1883 وقع علي باشا باي، الذي خلف الصادق باي، على اتفاقية المرسى التي عمقت الهيمنة الفرنسية. في الجنوب، التي ظلت المقاومة فيه مستعرة شهورا بعد انتصاب الحماية، قام الفرنسيون بإنشاء منطقة عسكرية سميت بالتراب العسكري يشرف عليها مكتب الشؤون الأهلية. سعى الفرنسيون إلى تطوير البنية التحتية لا سيما في الحوض المنجمي حيث يستخرج الفوسفاط، ووقاموا بإنشاء خطوط لسكك الحديد وبعث عدة بنوك في حين استولى معمرون فرنسيون على أراضي فلاحية شاسعة كانت تابعة للأحباس. سياسيا لم يكن هناك معارضة منظمة لنظام الحماية في السنوات الأولى خصوصا بسبب القوانين العسكرية الصارمة، إلا أن عددا من المثقفين على رأسهم علي باش حانبة والبشير صفر أنشئوا عام 1907 حركة الشباب التونسي لتدافع عن حقوق التونسيين. لم تعمر الحركة طويلا إذ تصدت لها سلطات الحماية. وفي 1911 تصاعدت حدة احتجاجات التونسيين باندلاع أحداث الجلاز تم بمقاطعة ترامواي تونس (1912)، وفي كل مرة جابهها الفرنسيون بإقامة محاكمات بالمشاركين فيها. وفي أثناء الحرب العالمية الأولى جند آلاف التونسيين للعمل في الجيش الفرنسي، في حين اندلعت في الجنوب مقاومة مسلحة دامت أكثر من عامين. بعد انتهاء الحرب، وفي مناخ إعلان الرئيس الأمريكي ويلسون عن حق الشعوب في تحقيق مصيرها، أسس الحزب الحر الدستوري الذي نادى بالإصلاح دون المطالبة علنا بالاستقلال، وقد لاقى الحزب مباركة ضمنية من الناصر باي إلا أن ضغوط المقيم العام جمحت حركة الحزب ليجبر زعيمه عبد العزيز الثعالبي إلى اللجوء إلى المنفى. وفي 1924 ظهرت جامعة عموم العملة التونسية كأول نقابة وطنية غير أنها لم تعمر طويلا لينفى باعثها محمد علي الحامي بدوره إلى الخارج.
جزء من مظاهرة 9 أفريل
في بداية الثلاثينات شحن الجو في البلاد على خلفية الأزمة العالمية التي كانت لها آثار عميقة على النشاط الاقتصادي المحلي، ومما زاد الطين بلة انتظام المؤتمر الأفخارستي بقرطاج وأحداث التجنيس التي اندلعت بسبب رفض الأهالي دفن المجنسين بالجنسية الفرنسية بالمقابر الإسلامية. وفي تلك الأجواء برزت مجموعة ممن درسوا في الجامعات الفرنسية يقودهم الحبيب بورقيبة بكتاباتها الصحفية لتنضم للحزب الحر الدستوري لكنها ما لبثت أن انشقت عنه لتؤسس في مارس1934 حزبا سمي بالحزب الحر الدستوري الجديد. استطاع الحزب الجديد اكتساب تعاطف عدد كبير من المناصرين وتوسعت رقعة مؤيديه لتشمل فئات جديدة ومناطق لم تكن للحزب القديم حضور فيها. لم يدم نشاط بورقيبة ورفاقه طويلا إذ وقع إبعادهم إلى الجنوب في سبتمبر 1934 ولم يخلى سبيله إلا عام 1936. وفي 9 أفريل 1938 اندلعت مظاهرات ضخمة للمطالبة بإحداث إصلاحات لنظام الحماية إلا أنها قمعت من طرف الفرنسيين مما أسفر عن عشرات القتلى والجرحى في حين حظر الحزب الحر الدستوري الجديد واعتقل قادته مرة أخرى. بقيت البلاد في مأمن من معارك الحرب العالمية الثانية في سنواتها الأولى إلا أنه في عام 1942 دخلتها القوات الألمانية والإيطالية المتقهقرة من ليبيا لتصبح البلاد ساحة للمعارك بعد غزو شمال إفريقيا من طرفا لحلفاء الذين دخلوا العاصمة التونسية في ماي 1943. لم تحدث المعارك فقط دمارا كبيرا في أرجاء البلاد، إنما أيضا كان لها آثار سياسية إذ وقع خلع المنصف باي وتعويضه بالأمين باي بسبب قيامه بتوسيم ضباط ألمان. على عكس المنصف الباي سلك بورقيبة سياسة حذرة مع المحور قبل أن ينحاز للحلفاء، ومع إعادة سلطات الحماية الإمساك بزمام الأمور في البلاد، خيّر اللجوء إلى مصر. قاد الحزب في غياب بورقيبة، أمينه العام صالح بن يوسف صحبة المنجي سليم، وقد سعوا لربطه بعدة منظمات شبابية ومهنية ونسائية، وقد ظهر في تلك الفترة الاتحاد العام التونسي للشغل بقيادة فرحات حشاد الذي شيئا فشيئا أصبح يلعب دورا هاما في صلب الحركة الوطنية. عام 1950 شكلت حكومة مفاوضات شارك فيها الحزب الحر الدستوري الجديد دون التوصل إلى اتفاق، لتندلع في جانفي 1952 المقاومة المسلحة. واجهت الحكومة الفرنسية الثورة بإرسال تعزيزات والقيام بعمليات تمشيط واسعة كما قامت باعتقال زعامات الحزب الدستوري على رأسها الحبيب بورقيبة، فيما قامت منظمة اليد الحمراء القريبة من المخابرات الفرنسية باغتيال فرحات حشاد وعدد من وجوه الحركة الوطنية.
في جويلية 1954 أمام ضغوط الفلاقة وازدياد حدة الأزمات في المستعمرات، أعلن رئيس مجلس الوزراء الفرنسي بيار منداس فرانسنيته إعطاء تونس استقلالها الداخلي. وفي غرة جوان 1955 عاد الزعيم بورقيبة من المنفى في يوم مشهود، ليقع امضاء اتفاقيات الاستقلال الداخلي في 3 جوان، وفي 18 سبتمبر شكلت حكومة جديدة شارك فيها أنصار بورقيبة. عارض أمين عام الحزب صالح بن يوسف الاتفاقيات بشدة ودخل في صراع مفتوح مع بورقيبة، مناديا بضرورة المقاومة من أجل الاستقلال التام والالتحام مع الثورة الجزائرية. في نوفمبر 1955 دعى بورقيبة لمؤتمر للحزب في صفاقس وتمكن من تمرير توجهه المبني على سياسة المراحل. حاول بن يوسف، الذي وقع رفته من الحزب، من تنظيم مؤيديه إلا أنه أجبر على المنفى بعد أن لوحق أنصاره من طرف وزارة الداخلية والبورقيبيين. وفي 29 فيفري 1956 افتتحت بباريس مفاوضات أفضت في 20 مارس إلى إعلان الاستقلال الكامل لتنتهي بذلك حقبة الحماية التي دامت 75 عاما
في العصر الحديث مع الاستعمار الفرنسي لتونس من سنة 1881 إلى سنة 1956تاسست مدينة مدينة  منزل بورقيبة بجانب تينجة وقد  كانت في الأصل عبارة عن حيّ سكنيّ للعمّال تولّت بناءه الشّركة العقاريّة الشّمال إفريقيّة انطلاقا من سنة 1900 بعيدا عن المركز الحضريّ الذي يستقطب الإدارة وأحياء مخصّصة للفئة البرجوازيّة و الأجانب(ضبّاط).
 وقد تمّ ربط الضاحيّة بفيري فيل بخطّ للسكك الحديديّة سنة 1898 يمتدّ إلى داخل الترس خانة ثمّّ إنشاء خطّ للترامواي ابتداء من سنة 1903 وكانت الطّريقة المستخدمة هي الجرّ بالخيول.
الاستعمار الفرنسي استغل المنطقة لانشاء منطقة حربية وصناعية. اشتريت الاراضى وافتكت  لصالح هذا المشروع وهمشت المنطقة من جهة تعتمد على الصيد والفلاحة الى  مدينة حربية  صناعية  فعمرها باجانب من مختلف الجنسيات . في 20 سنة اصبحت المدينة تعد 6000 ساكن منهم 1500 تونسي 1000 فرنسي 3500 من جنسيات اخرى (ايطالي يهودي اسباني)   
اختار موقع منزل بورقيبة الجنرال " جول فيري" الذي قام يوم 23 أفريل 1887 بجولة بحرية فوق مياه بحيرة بنزرت أشرف عليها على المواقع الهامة، و عندما عاد من جولته في مساء ذلك اليوم قال: " إنّ هذه البحيرة وحدها- مشيرا إلى بحيرة بنزرت – تضاهي في قيمتها الإستراتيجية قيمة القطر التونسي كله، و إنــي، و إن كنت قد احتللت تونس فلقد كانت بنزرت غايتي "   .
                 و كانت هذه العبارة إشارة منه ببناء المدينة التي ظل يحلم بها منذ أن وطئت قدماه أرض تونس، و بالفعل بدأ في تخطيط المدينة و إقامة المنشآت و المؤسسات فيها، فحفرت أحواض الترسخانة، و شيد مستشفى سيدي عبد الله و أقيمت الثكنات العسكرية، و لم يكد يحل عام 1888 حتى تم بناء المدينة و منشآتها و خاصة الترسخانة التي كانت قاعدة هامة تابعة للبحرية العسكرية الفرنسية تعرف بترسخانة سيدي عبد الله، و أطلق على المدينة اسم "فيري فيل" أي مدينة فيري.
                 
                
    كانت الأراضي التي أقيمت عليها المدينة تابعة لعشيرتي الشلاغمية و قبطنة فانتزعتها السلطات الاستعمارية منهما و سلمتها لشركة شمال إفريقيا التي أسندت مساحات هامة صالحة للبناء للأجانب دون سواهم بعد أن وضعت مثالا للمدينة.
كانت مدينة منزل بورقيبة "فيري فيل" سابقا عبارة عن مدينة فرنسية تلعب دورا أساسيا و إستراتيجيا هاما، وكانت على صغر حجمها مرتعا للنشاط السياسي الفرنسي بكل طوائفه و تياراته، و بأمر من الوزير الأكبر رئيس الحكومة في 06 أوت 1956 تغير اسم بلدة فيريفيل بمنزل بورقيبة.  وتميزت هذه المدينة مرة أخرى بصناعة الحديد حيث اشتهرت بمصنع الفولاذ.
حاول النظام بعد الاستقلال المحافضة على  الاشعاع الاقتصادي لمدينة منزل بورقيبة فانشا المنطقة الحرة . لكن الازمة الاقتصادية العالمية والفساد الادارة والمالي لم يمكن هذا المشروع من اخذ حجمه الحقيقي. بقيت المنطقة مركزا لإنتاج المعادن فكما كانت في العصر البوني اصبحت في العصرالحديث القطب الوطني لصناعة الحديد.
حافضت الدولة علي الاختيارات التنموية التي وضعتها فرنسا فبقيت السواحل منطقة عسكرية وحرمت الجهة مرة اخرى بنسبة هامة من بعدها كمدينة ساحلية.
الخاتمة:

بسرد التاريخ يجب ان نَولى اهتماماً بالغاً أيضاً إلى أهل الأرض أنفسهم، فندرس أحوالهم الاجتماعية والاقتصادية والثقافية بما تسمح به المصادر.

ومدى تأثُّر السكان بتلك التنظيمات التي حكمت البلاد. وهو بعد كل مرحلة تاريخية، يطرح سؤالاً هاماً هو: هل اصطبغت الأرض بصبغة هؤلاء الحاكمين من فينيقيين ورومان ووندال وبيزنطينيين؟ هل أثَّروا فى النفوس والعقول، فى حياة الناس ومعاشهم؟ الأجابة بنعم على المدى البعيد ، ولكن الأكثرية من السكان فاستمرَّت تعيش حياتها الأولى وقاومت وحاولت الحفاض على عاداتها وثقافتها. وكان ذلك اكثر وضوحا في عمق وجنوب البلاد منه في المدن الساحلية.
كانت تونس هي الاكثر تاثرا بالغزاة من باقي شمال افريقيا لان معضم اراضيها كانت تحت صيطرة قرطاج ثم بعد ذالك روما فالفندال ثم البيزنطيين العرب واخيرا الفرنسيين .

أهل البلاد الأمازيغ لم يتأثَّروا بثقافة الدول التى سيطرت على أرضهم وحكمتها ما يقرب من ألفى عام كما تأثَّروا بالفتح الإسلامى خلال مدّة قصيرة، فتبنّوا الثقافة الإسلامية وتمثّلوها وحملوها شمالاً وجنوباً وعملوا على نشرها وازدهارها.

نجاح الفتح الإسلامى فى طبع هذه البلاد بطابعه الثقافى يعود إلى القيم التى جاء بها ، كما يعود كذلك إلى الخلفية العقلية والنفسية واللغوية المشتركة بين العرب المسلمين الفاتحين والأمازيغ أهل البلاد، وهى نفس الخلفية المشتركة بين العرب المسلمين والكنعانيين فى الشام.

Aucun commentaire:

Compteur