· تتمتع منزل بورقيبة وتينجة بخصوصيات طبيعية متميزة، حيث يمتد ساحل
البلدية على طول 5300م. تتميّز المنطقة بطقس متوسطي معتدل ، و لها موقع استراتيجي هام ، حيث أنها تتوسط بحيرتي ٳشكل و بنزرت، تتلاصق المدينتين في منطقة واحدة جغرافيا وتاريخيا. وهي في الشمال الشرقي للجمهورية التونسية و تبعد عن تونس العاصمة حوالي 60 كلم و عن مدينة بنزرت حوالي 20 كلم.
تتميّز أراضيها بانبساطها .التربة غنيّة وخاصّة بمنطقة ڤنڤلة ومنطقة عوينة وهي مستغلّة في الزّراعات الكبرى والزّراعات السقويّة.
· بدء التاريخ في منطقة شمال إفريقيا يمتد من نهاية العصر الحجري الجديد
إلى قدوم الموجة الأولى من الساميين الذين جاءوا من المشرق.
العصر الحجري الجديد امتد في المغرب من أواسط الألف الخامس قبل الميلاد إلى حوالي سنة 1200 ق.م. ويتميز بتطوّر الإنسان ثقافياً واقتصادياً. فازدادت صناعته الحجرية دقَّة، وتمكن من تربية الماشية و الطيور، كما أقبل على زراعة الأرض.
لوبة أو ليبيا كانت تطلق على كامل منطقة شمال إفريقيا في بداية الفترة التاريخية.
وقد أشار إليها المؤرخ الإغريقي هيرودوت خلال القرن الخامس قبل الميلاد: ليبيا تلك هي ثالث القارات المعمورة حينذاك في العالم القديم وتمتد من غرب النيل شرقا حتى المحيط الاطلسى غربا يقطنها ملوك رعاة وهم الأمازغة أو البربر أقدم شعب يقيم بهذه الأرض يعيشون على ألبان ولحوم ماشيتهم.
وقد اختلف الباحثون في أصولهم، فجعلهم المؤرِّخون العرب كنعانيين...
الأمازيغ ليسوا طائفة واحدة، وهناك عدّة تصنيفات لهم، المشهور منها اليوم تصنيفهم إلى ثلاث طوائف: مصمودة،وصنهاجة، وزناتة؛ وهي تتكلَّم ثلاث مجموعات لغوية تنتسب إلى اللغات الحامية والسامية. إذا كان التحليل اللساني يُرجع اللغة الأمازيغية إلى السامية الأولى التي كان مجالها الصومال والحبشة واليمن، فإن الاستنتاج المنطقي يقتضي أن يرجع أصل الأمازيغ إلى اليمن، بسبب سحنتهم غير السوداء، وهذا ما يقوله معظم الأمازيغ عن أصلهم.
· ليس لدينا من المصادر التاريخية الكافية التي تثبت عن وجود كيان سياسي في ليبيا
قبل ظهور قرطاجة التي أسسها الفينيقيين وهو شعب سامي قدِم من جزيرة العرب واستوطن شواطئ بلاد الشام حوالي القرن 28 ق.م. وطوّر الأبجدية، وصنع الورق، وتفوَّق في الفنون البحرية والتجارة وتبادل السلع مثل الماشية والجلود والصوف والعاج وريش النعام وأدوات الزينة.
سنة 1200 ق.م ظهرت الموجة الأولى من الساميين في منطقة شمال أفريقيا. وقد أقاموا علاقات تجارية مع السكان الموجودون بالبلاد التونسية بإنشاء مرافئ لتبادل البضائع تعتمد في أغلب الأحيان على المقايضة.
ثم أسسوا مستوطنات ذات قيمة إستراتيجية على شواطئ البحر الأبيض المتوسط أهمها بلدة أوتيكا أي العتيقة) حوالي سنة 1101 ق.م) على بُعد 15 كم من مدينة تونس الحالية، ثم بلدة هيبو أي بِنْزرت التونسية اليوم ، وقرطاج أي مدينة الحديثة, أسست حوالي سنة 814 ق.م .
وقد نمت هذه المدينة بسرعة نظرا لموقعها الإستراتيجي حتى بلغ عدد سكانها حوالي 700٫000 نسمة قبل القرن الخامس قبل الميلاد.
ورثت قرطاج أمجاد الإمبراطورية التجارية الفينيقية ومستعمراتها وقامت بتوسيع رقعتها لتشمل جزءا كبيرا من سواحل البحر الأبيض المتوسط، وأصبحت المركز التجاري لغرب البحر الأبيض المتوسط كله و كقاعدة عسكرية لحماية الموانئ التجارية.
بلغ الفينيقيون إسبانيا بحثاً عن الفضة والقصدير وبنوا فيها بلدتي ملقا وقادش وأسست مدناً صغيرة تقع على شواطئ تونس صقلية والمغرب وسردينية وإسبانيا. وكانوا يسكنون الشواطئ فقط خوفاً من الحرب مع السكان الأصليين للبلاد.
منطقة تينجة ومنزل بورقيبة القريبة من بنزرت تأسست فيها مدينة تيميدا . يذهب بعض الباحثين إلى أنّ الاسم ينتمي إلى اللّغة البربريّة أو الفينيقية ويرمز إلى مدينة تحرص ممر بين بحيرتين ولذلك فهي تتشابه مع مدينة تونس في التسمية.ولعلّ موقعها الاستراتيجي المنفتح على الممرات المائيّة والمتوسّط لعدد من المدن الفينيقية الهامّة منح لها أهمّية خاصّة. فكانت بذلك قاعدة خلفيّة في مأمن من الهجمات البحريّة ممّا يحمل على الافتراض بوجود نشاطات اقتصادية هامّة ووظيفة عسكريّة حيويّة.
تيميدا Thimida تقع على الضفة اليمنى لنهر تينجة وشاطئ بحيرة إشكل حيث عثر علماء الآثار على مركز من العصر ما قبل الروماني. وقد وجدوا مواد فخار بونية شكلها من الكروم والطلاء الأسود ، والمسامير ، والرصاص و رؤوس سهام مع علامة التانيت.
كشفت حفريات جرت سنة 1986 في هذا الموقع وان تاريخ الآثار يرجع إلى القرن الرابع إلى منتصف القرن الثاني قبل الميلاد و يبدو أنه مركزا لإنتاج المعادن. ولم ينجو من سقوط قرطاج. وقد نشأت وتطورت مدينة تيميدا Thimida بحذو الموقع . وازدهرت في العصر الروماني على الأرجح عن طريق إعادة استخدام مؤسسي ومهندسي المركز المدمر و قد انتشر نوع من مقبرة على مشارف المركز البوني القديم.
تعايش القرطاجيين مع الأمازيغ القريبين منهم أصلاً ولغةً ، وكانت الحدود بينهم غير واضحة.
امتدت قرطاج عندما كانت في أوجهها وبدؤوا استعمار بلاد تونس نفسها. فأنشأت إمبراطورية بحرية حول الساحل المتوسطي الذي كانت تسيطر عليه سيطرة اقتصادية وسياسية وهو الساحل الخاص بشمال إفريقيا وصقلية وسردانيا ومالطة وجزر البليار الأندلسية وشبه الجزيرة الاسبانية.
شكل التوسع القرطاجي خطرا على مصالح ونفوذ الإغريقيين وقد أدى التنافس التجاري بينهم إلى اشتباكات عسكرية خاصة بعد أن استولى القرطاجيّون على صقلية سنة 480 ق.م.
في القرن الثالث ق.م أصبحت قرطاج عاصمةً لدولة تغطي مساحتها جمهورية تونس الحالية تقريباً، مع امتدادها الى المستوطنات التي أنشأتها , وقد بلغ عدد سكانها أربعة ملايين نسمة.
وكان لها مجلس شيوخ منتخب يضمُّ أعيان قرطاج والمدن الأخرى، وكان هذا المجلس ينتخب رئيساً للبلاد كلَّ سنتين، وهناك مجلس الحكماء المكوَّن من القضاة، ومجلس للشعب.
وهكذا فإن قرطاج عرفت الديمقراطية قبل أثينا وروما.
برز كيان جديد روما والتي دخلت في حلبة الصراع منافسة قرطاج، الشيء الذي أدى إلى نشوب سلسلة من الحروب (سنة 264 ق.م) اشتهرت باسم الحروب البونية. دامت حوالي 118 سنة كان النصر فيها لهذا الجانب أو ذاك، واشتهر فيها القائد القرطاجي هنيبعل. انتهت هذه الحروب بهزيمة القرطاجيين واضعافهم بشكل كبير ثم بزوال قرطاج وخراب المدينة وإحراقها وجلاء السكان عنها سنة 146 ق.م.
نميديا: وهي تسمية إغريقية أطلقت على المنطقة فيما بين إقليم قرطاجة شرقاً ومملكة المور غرباً بداية من القرن الرابع قبل الميلاد.
الوثائق التاريخية المكتوبة، عن هذه المنطقة هي وثائق رومانية، لا يمكن أن تسوق الاخبار من وجهة نظر مغربية حتى تصبح المعلومة كاملة وموضوعية، لهذا وجب قراءة الأحداث وتحليلها لأستخلاص الحقائق.
نوميديا هو نظام سياسي من السكان الأصليين بالبلاد ، تأثروا بالحضارة القرطاجية فاللغة البونية السامية هي اللغة الرسمية. هذا الكيان ينقسم إلى نوميديا الشرقية المسايسوليون (الماسيل) كانوا معادين لروما متحالفين مع قرطاج و نوميديا الغربية المازيليون (المازسيل) وهم قبيلة على عكس الأخرى تحالفت مع الرومان. نشب صراع بينهم، والذي كان من ورائه الصراع الروماني القرطاجي خدمة لأهدافهم في المنطقة. أن غالب القوى الاجنبية التي استعمرت المنطقة كانوا دائما يضربون الامازيغيين بإخوانهم ،ويشعلون نار الفتنة بينهم، ويستعملون كل وسائل الغواية والغراء لكسب تحالفهم ؛ فكانت الخيانة بين صفوف الامازيغيين ييسرالسبل أمام الاعداء للانقضاض عليهم بكل سهولة وسرعة.
يعتبر ماسينيسا أشهر الملوك النوميديين, تميز ماسينيسا بقدراته العسكرية بحيث تمكن من هزم خصمه سيفاكس, في معركة سيرتا عام 203 ق.م كما تمكن من هزم حنبعل القرطاجي أعظم الجنرالات التاريخيين, في معركة زاما بتونس الحالية سنة 202 قبل الميلاد, رافعا شعاره الشهير: أفريقيا للأفارقة،حيث انه كان يطالب باسترداد اراضي اجداده في حربه ضد قرطاج. يضهر من خلال هذا هذه النزعة للمقاومة وتوحيد المنطقة والأستقلال عن القوى الأستعمارية للسكان الأصليين.
جاءت معاهدة عام 201ق.م لتكبل قرطاجة وتعترف روما بماسينيسا ملكا على نوميديا.
وكان من بين شروط هذه المعاهدة شرطان، أولا : أن تلتزم قرطاجة بعدم خوض غمار أية حرب في إفريقيا أو خارجها دون موافقة روما مسبقاً، والشرط الثاني هو أن ترد قرطاجة إلى ماسينيسا كل الممتلكات التي كانت في حوزة أسلافه، مما أدى إلى تحديد قطاع قرطاجة لمساحة ترجع بها إلى بداية مرحلة استقرار الفينيقيين في المغرب، إذ أصبح ماسينيسا يتوسع على حساب قرطاجة في جميع المجالات.
ومن ناحية أخرى حرص الملك ماسينيسا على كسب ثقة الرومان فكان حليفا لهم في حروبهمً المقدونية.
أصبح ماسينيسا سيد كامل نوميديا الموحدة من واد الملوية إلى السرت الكبير. ولكن توسعاته على حساب قرطاجة أثارت مخاوف الرومان وهذا ما كان من بين الأسباب وراء تدخل روما سنة 149ق.م بهدف وضع حد لطموحات ماسينيسا وهذا تاريخ بداية الحرب البونية الثالثة 149- 146ق.م التي انتهت بتدمير قرطاجة نهائيا وحالت دون أن يجني ماسينيسا ثمار انتصاره الأخير في عام 150ق.م، وانفردت القوة الرومانية بالسيادة على قرطاج وجعلها مركزا لروما والذي من خلالها تستطيع بسط نفوذها والتحكم في نوميديا. أصبحت قرطاج تسمى أفريكا اللتينية.
بعد وفاة ماسينيسا قامت صراعات بين أبنائه لحيازة العرش, فتدخل الرومان ووزعوا حكم نوميديا التي أصبحت الخطر القادم بعد انهيار قرطاج, على أبنائه, وكانت خطة روما هي تشتيت قوى العدو بتقسيم نوميديا قصد إضعافها ، فتدخلوا في الصراع السياسي بين الملوك ونصبوا حكاما موالين لهم. فقسمت شمال إفريقية إداريا إلى ثلاث مناطق رئيسية وشرع الرومان في بناء الحصون وسد أمني يسمى خط الليمس وخنادق ومراكز المراقبة للسيطرة والتحكم في الموارد الأقتصادية، وهذا الخط يمتد طول بين الساحل المتوسطي وحدود التراب الصحراوي جنوبا. أما عرضا فيمتد الخط من طرابلس مرورا بالبحيرات التونسية وجبال الوراس، فيمر ببسكرة جنوبا ، ثم يجتاز قرية بوسعادة حتى نهر وادي شلف . وبعد ذلك يقطع تاخمارت والزفيزف وتلمسان ومغنية. ويعبر هذا الخط الفاصل الحدودي المغرب مرورا بتازة ومنعرجا بمدينتي وليلي وطنجة حتى يصل إلى جنوب الرباط.
بيد أن المازيغ لم يرضوا بالحكم الروماني في إفريقيا الشمالية ولم يقبلوا بتدخلاته في نوميديا وموريطانيا، ولم يرضوا كذلك بخط الليمس الذي اعتبروه خطا استعماريا عنصريا يراد منه طرد المازيغيين من أراضيهم الخصبة وتحويلهم إلى شعب ذليل وفقير من الدرجة الدنيا. هذا ما دفع يوغرطة(160قم - 104قم): ليجمع المازيغ ويوحدهم في مملكة واحدة .
يوغرطا (160قم - 104قم): هو الملك الثاني الذي يتميز بقوميته على غرار جده ماسينيسا حالما بإنشاء مملكة نوميدية امازيغية قوية,موحدة بعيدة عن تأثير القوة الرومانية. كان يوغرطة شعبيا بين قومه. نظم يوغرطة جيشا عتيدا،وقام بإصلحات اقتصادية واجتماعية وعسكرية من أجل بناء مملكة أمازيغية قوية على غرار السياسة الصلحية التي قام بها عمه ماسينيسا. وكل هذا من أجل توسيع نفوذ مملكته قصد الاستعداد لمجابهة القوات الرومانية وأسوار خط الليمس المنيعة.
قسمت نوميديا بين يوغرطا و إبني عمه هيمبسل (حفصبعل) وأدهربل (عزربعل) وقد قام الورثة الثلاث باقتسام الأموال، وتحديد المناطق التي يحكمها كل واحد منهم.
كان يوغرطا ملك نوميديا الوسطى وبعد ان أشتد الصراع السياسي مع أبني عمه نتج عنه قتله لهيمبسل (حفصبعل) و أذربعل (عزربعل) الموالين لروما. وبعدها أصبح يوغرطة سيّد كامل نوميديا.
.وقد ذكرت تيميدا في هذا الصراع حيث إنها تعتبر عاصمة للملك النوميدي هيمبسل الذي أغتاله يوغرطة وقد ذكرت مصادر تاريخية وان تيميدا هي من بين عواصم الملوك النميديين وقد خبئوا بمكان قريب منها بعض كنوزهم.
تدخّلت روما في حرب يوغرطة التي دامت من سنة 111 إلى105 ق.م فأعلنت عليه الحرب لنهب الغنائم والأموال . قاوم يوغرطة الجنرالات المتتالية، احرز نجاحات بحرب العصابات ممددا الحرب و منهكا موارد الرومان. واستطاع أن ينظم الجيش ويقسمه إلى مشاة وفرسان ، وأن يدربه على أحدث الطرق العسكرية لمجابهة الاحتلل الروماني. وقد كان الجيش الامازيغي كله تحت تصرف القائد يوغرطة الذي ضرب به الجيش الروماني مرات عدية، فانتصر عليه في عدة معارك .
كبد يوغرطة روما خسائر كبيرة في جنودها, غير انه وحسب الروايات المتداولة فان أحد ملوك موريتانيا الأمازيغ التي وجدت في منطقة المغرب الحالي وهو بوخوس غدر به في فخ روماني, وبذلك تم القبض عليه وسجن إلى أن تمكن منه الموت.
مات يوغرطة أخيرا في زنزانته سنة 104.
ولقد كان بإمكان روما أن تعلن نوميديا المهزومة إقليما رومانياً مثلما فعلت في إقليم قرطاجة عام 146ق.م، لكن بدلا من ذلك رتبت الأوضاع بصورة ضمنت نفوذها بالمنطقة والتحكم في زمام الأمر عن طريق إبقاء عرش المملكة قائما على جزء من ترابها حيث شهدت مملكة نوميديا بعد موت يوغرطة تنصيب ملوكا موالين لها. فأصبحت شمال أفريقيا غنيمة في يد الرومان يأخذون ثرواتها . وبهذه التجزئة السياسية للمملكة النوميدية اطمأنت روما من خطر الوحدة.
وأصبحت نوميديا بعد هذه الإجراءات الحاسمة تتأثر بمجريات الأحداث السياسية وتقلبات الوضع في روما لأنها كانت تعتبر في جزءاً مكملاً لولاية روما الإفريقية لم يحن الوقت بعد لإفتكاك زمام أمرها من الأسرة النوميدية.
نوميديا في عهد الملك يوبا الأول
بعد خلفاء بوخوس الذين تميزوا بإقامة علاقات ودية مع روما, ظهر ملك امازيغي نوميدي آخر, وهو حفيد ليوغرطا وكان اسمه يوبا الأول. هذا الأخير حلم على نهج أجداده يوغرطا وماسينيسا لبناء دولة امازيغية نوميدية مستقلة تكفيهم التدخلات الأجنبية. ففي سنة 48 قبل الميلاد تمكن الجنود الرومان وجنود كل من بوشوس الثاني وبوغود الثاني من تحقيق نصر مدمر ضد جيوش يوبا الأول وانتهت بموت الأخيروالسيطرة على دولته وإنشاء إفريقيا الجديدة سنة 40 ق.م. فقدت نوميديا استقلالها السياسي, وكانت نهايتها عام 46 ق.م بعد مرور مائة سنة على ذكرى قرطاجة سنة 146 ق.م وبهذا دخلت نوميديا فترة جديدة وهي فترة الحكم الروماني.
واندثرت على إثر ذلك مملكة نوميديا ودخلت في فترة جديدة، وهي فترة العهد الروماني بعدما مرت على الذكرى الأليمة لقرطاجة مائة سنة.
ويلحظ المتتبعون للمقاومة الأمازيغية أن حركات القرن الأول التحررية ابتداء من ماسينيسا ويوغرطة وتاكفاريناس كانت مقاومة ضد الغزو الروماني واغتصاب الارض، ولكن مع بداية القرن الثاني الميلادي ستتخذ الثورات الامازيغية طابعا اجتماعيا بعد تفاقم الازمات الاقتصادية والاجتماعية في الوسط الامازيغي بسبب بطش الحكم الروماني واستيلائه المطلق على كل ثروات الامازيغيين وطردهم خارج خط الليمس أو ما يسمى بالسد الأمني.
ونختم بحثنا المتواضع بمقولة ليوغرطة يندد فيها بالمبراطورية الرومانية ويشنع بسياستها التوسعية وبأطماعها الجشعة مستشرفا نهايتها الاكيدة:"روما، أيتها المدينة المعروضة للبيع! أنت هالكة لو تجدين مشتريا."
الفترة الرومانية(146 ق.م – 431 م)
· الرومان:
الفترة الرومانية(146 ق.م – 431 م)
تاريخ الرومان في شمال إفريقيا مليئا بالحروب التي خطَّطوا لها وشنّوها للاستيلاء على المنطقة تدريجياً. وأسَّروا في هذه الحروب مئات الآلاف من أهالي البلاد واختطفوا ألافاً آخرين لاسترقاقهم عبيداً في روما وغيرها من مدنهم لتنشيط عجلة الاقتصاد الروماني.
وفي هذا يقول أحد الباحثين الغربيين" عندما استولى الرومان على شرق البحر المتوسط أخذوا ملايين الرقيق إلى إيطاليا. كما نهب الرومان ثروات البلاد.واتبعوا سياسة " فرق تَسُد"، فقسموا الأرض من طرابلس الغرب إلى المحيط الأطلسي في وحدات إدارية تابعة للإمبراطور الروماني، ليجعلوا من المستحيل قيام وحدة ومقاومة وطنية .فكانت هناك:
1 البروقنصلية التي كانت تشمل طرابلس وتونس وقسماً من أرض الجزائر، ويحكمها بروقُنصل يقيم في قرطاج.
2 نوميديا التي يحدّها مصب نهرالوادي الكبير في الغرب،وتمتد جنوباً إلى الحضنة، ويحكمها نائبٌ للإمبراطور هو قائد الفيلق.
3 موريطانيا القيصرية، تمتد من الوادي الكبير إلى نهر ملوية، ويحكمها بروكيراطور تابع للإمبراطور.
4 موريطانيا الطنجية وتمتد من غرب ملوية إلى المحيط الأطلسي، ويحكمها بروكيراطور تابع للإمبراطور يقيم في طنجة.
سنة 44 ق.م قرر الامبراطور الروماني يوليوس قيصر اعادة بناء مدينة قرطاج بعد أن كانت أوتيكا العاصمة ولكن أعمال البناء لم تبدأ رسميا إلا مع خلفه أوغيست وبذلك بدأت فترة ازدهار في المنطقة حيث أصبحت أفريقية مخزن حبوب روما.
ازدهرت مدن رومانية أخرى بالتزامن مع أرض قرطاج ومازلت الآثار شاهدة على بعض منها مثل دقة بولاية باجة والجم بولاية المهدية. اصبحت قرطاج مستعمرة مدنية مزدهرة وقاعدة لمقاطعة ثرية قام تطورها ونموها على الزراعة وعلى تعدد المدن والحواضر وقد اكتسبت حلة معمارية على شاكلة روما حتى أصبحت تلقب ب"المشرقة البديعة" ولئن كانت روما هي التي حطمت قرطاج فهي التي أعادت بناءها ولقد تصورها مؤسسها الجديد أوغسطس مدينة كبرى منظمة على مقتضى مخطط تعتدل فيه جميع المباني واتخذ لها أخلافه "الانطوانات" حلية معمارية بديعة فأصبحت تنعت بالمشرقة وأتيح لها أن تلعب دورا سياسيا واقتصاديا واجتماعيا داخل الإمبراطورية الشاسعة التي كان يسودها الأمن الروماني وستظل عاصمة افريكا التي تعتبر من أكثر مقاطعات الإمبراطورية ازدهارا كما ستظل خاضعة لروما التي تجمع لها ثروات بلاد غنية وخصبة وتتاجر معها بالخصوص ومع سائر بلدان البحر الأبيض المتوسط.
أدى نمو قرطاج السريع إلى تبوئها مكانة ثاني مدينة في الغرب بعد روما إذ ناهز عدد سكانها مائة ألف نسمة. وبدأ انتشار المسيحية في تلك الفترة والذي لاقى في البداية معارضة كبيرة من السكان ولم يحسم الأمر للدين الجديد إلا مع القرن الخامس وأصبحت قرطاج إحدى العواصم الروحية الهامة للغرب آنذاك.
التي كانت تهاجم الإمبراطورية الرومانية. ولغتهم ذات أصل جرماني وكانوا أتباع الفرقة الأريانية والتي اعتبرتها الكنيسة الكاثوليكية آنذاك فرقة من الهراطقة. وقد عبرت بعض هذه القبائل نهر الراين سنة 406 م ولم تهاجم الهضبة الإيطالية هذه المرة وإنما عبرت من قفاها إلى غاليا ثم عبروا بقيادة جيسيريك إلى إفريقيا سنة429 م، وساروا طوال الساحل حتى وهران، وذلك بتشجيع من بونيفاس، الحاكم الروماني في إفريقيا، الذي كان
على خلاف مع روما.
ولكن بونيفاس يختلف مع الونداليين بعد ذلك وتقع الحرب بين الطرفين، فينهزم بونيفاس ويعود إلى روما، ويبقى زعيم الونداليين جيسيريك مطلق السيادة، فيقتطع القسم الشرقي من إفريقيا الرومانية لنفسه ويؤسس مملكة وندالية فيه. وأدى ذلك إلى حملة قمع سياسي وديني واسعة ضد المعارضين من سكان البلاد الاصليين.
وبعد اغتيال الإمبراطور الروماني فلنتنيان الثالث سنة 455 م، سيطرجيسيريك على جميع الساحل الإفريقي. هذه السيطرة لم تمتد على جميع بلاد البربر وإنما فقط على شمال البلاد وبعض الجزرالساحلية .
وهكذا نلاحظ وان عمق شمال افريقيا كان دائما مقاوما لتاثير الاحتلال الخارجي وحافظا عبر العصور لثقافة وعاداة السكان الاصليين اما الساحل فكان يفرض عليه الامتزاج بالشعوب الغازية فتكونت لديه خاصية الانفتاح على الاخر.
مع مرور الزمن أصاب الونداليين الضعف بسبب انزلاقهم إلى حياة الترف واللهو، وتفاقم خلافاتهم على المُلك، وبفضل مقاومة أهالى البلاد واستقلال كثير من القبائل البربرية "الأمازيغية" عن سلطة الونداليين فكانت سببا لتدخل الإمبراطورية البيزنطية. حيث ان انهزام الوندال سنة 530 م بعد المناوشات مع الممالك البربرية هوالحدث الذي شجع بيزنطة على القدوم لطرد الوندال.
· الفترة البيزنطية
وهكذا أبحر أسطول بيزنطة، بقيادة بلزير، نحو أفريقيا سنة 533م وقوامه 500 سفينة يسيّرها 20.000 من الجدّافين. وبعد استراحة فى صقلية، توجه الأسطول إلى قرطاجة ونزل فيها. سيطر البيزنطييون بسهولة على قرطاج سنة 533م ثم انتصر الجيش البيزنطي والذي كان أغلبه مكونا من المرتزقة على الخيل الوندالية والتي كانت أقوى تشكيل في جيش الوندال
وأعلن القائد البيزنطى بلزير ـ كعادة كل الغزاة ـ : " إنه إنما جاء محرِّراً، وأن الإمبراطور لم يلجأ لحمل السلاح إلا لينقذ البلاد وأهلها من الونداليين الطغاة. وتمَّ القبض على الملك الوندالى " الذى كان قد هرب دون أن يهتم بمصير شعبه فى مارس 534. وهكذا انتهى حكم الوندال فى إفريقيا. فهجر أغلب الشعب الوندالي قسرا إلى الشرق أين أصبحوا عبيدا بينما جند الباقون في الجيش أو كعمال في مزارع القمح.
وعلى الرغم من أن الإمبراطور البيزنطى يوستنياس أعلن " أن جميع ليبيا "أى إفريقيا الشمالية" قد انضمت إلى الإمبراطورية"، فإن ما خضع للبيزنطينيين ما هو إلا مناطق محددة، وأما بقية القبائل فقد أظهر بعضها طاعةً ظاهريةً، وقام بعضها الآخر بثورات ضد البيزنطينيين، الذين سرعان ما عادوا إلى سياسة القمع والاضطهاد الديني كما أثقلوا كاهل الناس بالضرائب مما حدى بهم إلى الحنين إلى سيطرة الوندال على مساوئهم. بسبب ونهب ثروات البلاد، واغتصاب أفضل الأراضى الزراعية، وأسر أو خطف واسترقاق كثير من المواطنين، وتعيين عسكريين حكاماً لكثير من الولايات.
وأعلن القائد البيزنطى بلزير ـ كعادة كل الغزاة ـ : " إنه إنما جاء محرِّراً، وأن الإمبراطور لم يلجأ لحمل السلاح إلا لينقذ البلاد وأهلها من الونداليين الطغاة. وتمَّ القبض على الملك الوندالى " الذى كان قد هرب دون أن يهتم بمصير شعبه فى مارس 534. وهكذا انتهى حكم الوندال فى إفريقيا. فهجر أغلب الشعب الوندالي قسرا إلى الشرق أين أصبحوا عبيدا بينما جند الباقون في الجيش أو كعمال في مزارع القمح.
وعلى الرغم من أن الإمبراطور البيزنطى يوستنياس أعلن " أن جميع ليبيا "أى إفريقيا الشمالية" قد انضمت إلى الإمبراطورية"، فإن ما خضع للبيزنطينيين ما هو إلا مناطق محددة، وأما بقية القبائل فقد أظهر بعضها طاعةً ظاهريةً، وقام بعضها الآخر بثورات ضد البيزنطينيين، الذين سرعان ما عادوا إلى سياسة القمع والاضطهاد الديني كما أثقلوا كاهل الناس بالضرائب مما حدى بهم إلى الحنين إلى سيطرة الوندال على مساوئهم. بسبب ونهب ثروات البلاد، واغتصاب أفضل الأراضى الزراعية، وأسر أو خطف واسترقاق كثير من المواطنين، وتعيين عسكريين حكاماً لكثير من الولايات.
حوالى سنة 646م، كانت الإمبراطورية البيزنطية تواجه مشكلات فى الداخل والخارج، وكان المسلمون قد استولوا على الشام الذى كان خاضعاً لها، وكان الإكسرخس البطريق كريكوار، حاكم أفريقيا البيزنطي، قد خلع الإمبراطور البيزنطى وأعلن نفسه إمبراطوراً فى قرطاجة. فى هذه الظروف كان عمرو بن العاص قد أتمَّ فتح الإسكندرية فتقدّم جيشه إلى برقة وطرابلس. وبعد غزوات عديدة تصادم جيش كريكوار مع الجيش الإسلامى بقيادة عبد الله بن أبى سرح فى معركة "سبيطلة" التى قُتل فيها كريكوار وانتهى الحكم البيزنطى فى إفريقيا سنة 27 أو 29 هـ. سيطرة الإمبراطورية البيزنطية التي كانت في آن واحد وريثة روما وممثلة للحضارة اليونانية الشرقية وفي خاتمة المطاف جاء الفتح العربي الذي قطع الروابط بين افريقية والعالم اللاتيني وركز بها لغة الإسلام وعقيدته.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire